ملفـات وتقـاريـر

11 أبريل, 2025 05:50:10 م
(صوت الشعب) متابعات:
أحيا الارتباك الكبير الذي ميّز عمل مجلس القيادة الرئاسي وتعثّر الحكومة التابعة له في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والخدمية في المناطق اليمنية الواقعة ضمن دائرة سلطته طوال السنوات الثلاث المنقضية منذ الإعلان عن تشكيله في أبريل 2022 بالسعودية، أمل الفرع اليمني من تنظيم الإخوان المسلمين في الإمساك بمقاليد السلطة المعترف بها دوليا والتي كان حزب الإصلاح الإخواني يحظى بمكانة أرفع فيها خلال فترة قيادة الرئيس السابق عبدربّه منصور هادي للشرعية.

ومثّل حلول الذكرى الثالثة لتشكيل المجلس فرصة لإطلاق حملة كثيفة من قبل الإعلام التابع للحزب روّجت بقوّة لفشل المجلس وضعفه وعدم تحقيق التجانس بين أعضائه، وخلصت في بعض التقارير إلى ضرورة تغيير شكله وقيادته بالعودة إلى نمط القيادة وفقا لما كان معمولا به في عهد هادي.

وكان من أوضح ما توصّلت إليه بعض تلك التقارير هو أحقية القيادي الكبير في الحزب علي محسن صالح الأحمر برئاسة السلطة التي كان قد شغل فيها منصب نائب الرئيس حيث كان له دور مؤثر في صياغة قرارها السياسي العسكري.

والتقطت منابر إعلامية إخوانية دراسة أصدرها مركز المخا للدراسات الإستراتيجية لتجديد دعوتها إلى عودة هادي للعب دور في السلطة، ولو لمرة واحدة، يتمثّل في إلغاء تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الحالي وتعيين نائبه السابق رئيسا.


ولا تعتبر تلك الدعوة الإخوانية جديدة حيث سبق أن مثّلت مدار حملة أعقبت قرار تشكيل المجلس.

ومما جاء في الدراسة المذكورة أنّ “الكثير من اليمنيين باتوا يطرحون في وسائل التواصل الاجتماعي، ضرورة سحب الرئيس هادي التفويض الذي منحه لمجلس القيادة الرئاسي. ويحن كثيرون إلى عودة نائب رئيس الجمهورية السابق علي محسن الأحمر صاحب الدور الفعلي في العمل العسكري ضد الحوثيين، والذي يمتلك موقفا صارما وواضحا تجاه انقلابهم، ويحظى بالاحترام والتقدير في الأوساط الاجتماعية والسياسية والعسكرية.”

ولا يخلو الحديث عن دور إخواني في العمل العسكري ضدّ الحوثيين من مبالغة كبيرة حيث يقول كثيرون إنّ دور الإخوان كان عكسيا تماما حيث ساهموا في إفساح المجال للجماعة بالضغط على نظام علي عبدالله صالح وإشعال “ثورة” ضدّه، فيما مهدّت هزيمة القوات التابعة لحزب الإصلاح خصوصا في محافظة عمران سنة 2014 الطريق لجماعة الحوثي لدخول العاصمة صنعاء والسيطرة عليها.

واستدرك معدّو التقرير بالقول إنّ “عودة هادي لإدارة البلاد لا تمثل بديلا عمليا ممكنا، لضعف قدراته القيادية وكبر سنّه أيضا، لكنه يمكن أن يقوم بدور محوري في حال أريد تغيير مجلس القيادة واستبداله بمكون قيادي جديد، إذ يمكن لهادي سحب تفويضه لمجلس القيادة نظرا لفشله في القيام بمهامه، ومنح تفويض جديد إلى مكون قيادي بديل.”

ولعبت المملكة العربية السعودية دورا كبيرا في تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الذي استعانت به في تغيير إستراتيجيتها في اليمن من المواجهة العسكرية مع الحوثيين إلى محاولة إنجاز عملية سلام معهم، وهو يتألف إلى جانب الرئيس من سبعة نواب له يمثّلون أبرز القوى السياسية الفاعلة على الأرض من بينها حزب الإصلاح نفسه الممثل عن طريق محافظ مأرب سلطان العرادة.

ويبدو أنّ فكرة تكافؤ القوى التي قام عليها المجلس في تركيبته لم تكن ملائمة لفرع الإخوان في اليمن الطامح إلى دور أكبر في قيادة البلاد بكل جغرافيتها، بينما مثّل حضور المجلس الانتقالي ممثلا برئيسه عيدروس الزبيدي ضمن عضوية المجلس أحد العوائق في طريق ذلك الطموح نظرا لكون الانتقالي يحمل مشروع تأسيس دولة الجنوب المستقلة على جغرافية مناطق الجنوب.

وعمليا لم يكن تعدّد نواب رئيس مجلس القيادة من دون تأثير على أدائه وقدرته على اتخاذ القرار وإنفاذ السياسات حيث لم تغب الصراعات بين الجهات الممثلة داخله، حتى أن الانتقالي الجنوبي هدّد في أكثر من مرّة بالانسحاب منه وفض شراكته مع السلطة الشرعية.

ولم تكن صورة المجلس والحكومة التابعة له إيجابية في نظر سكّان المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين والذين واجهوا ظروفا معيشية صعبة وعانوا تردي الخدمات الأساسية العامة من صحة وتعليم وماء وكهرباء، وانعدامها في بعض الأحيان.

وبات تراجع شعبية مجلس القيادة وحكومته والسلطة الشرعية على وجه العموم أساسا لحملة فرع الإخوان المسلمين لاستبعاد القيادة الحالية ممثلة بالرئيس رشاد العليمي والدفع بأحد قادة الجماعة للحلول محلّه.

وقالت الدراسة المذكورة إن مجلس القيادة فشل أمنيا وعسكريا حيث لم ينجح في دمج التشكيلات العسكرية تحت مظلة وزارتي الدفاع والداخلية. وانتقد معدّوها الأداء الاقتصادي للمجلس واصفين إياه بالمخيّب للآمال إذ عجز عن إدارة الموارد المالية وفقد قدرته على تصدير النفط ما أدّى إلى انهيار الريال اليمني وتفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين. وأشارت إلى أن هذا الفشل تزامن مع اتساع نطاق الفساد واستحواذ أعضاء المجلس على موارد الدولة.

وتذكّر الحملة الإخوانية الجارية ضد مجلس القيادة الرئاسي بتلك التي أعقبت تشكيله مباشرة قبل ثلاث سنوات ونزل فيها الإخوان بكل ثقلهم السياسي والإعلامي للطعن في شرعية المجلس والضغط باتّجاه عودة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي إلى السلطة.

وذهبت بعض قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح آنذاك إلى حدّ رفضها الاعتراف بشرعية رئاسة العليمي للمجلس مستندة إلى أنّ “نص إعلان هادي عن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي يؤكد على أنه هو رئيس الجمهورية ولم يقدم استقالته.”

ويرى مراقبون أن إحياء الطموح الإخواني في الاستحواذ على السلطة لا يرتبط فقط بالوضع الداخلي لليمن وبأداء مجلس القيادة الرئاسي وحكومته، بل يتصل أيضا بالوضع الإقليمي والدولي وما حمله من تطورات بدا أنها تسير في مصلحة الإسلاميين وحلفائهم في المنقطة، وهو ما ينطبق تحديدا على سوريا التي آلت فيها السلطة إلى حكومة موالية لتركيا.

ومع تغيير الولايات المتحدة لسياستها إزاء الحوثيين ومبادرة إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى استخدام القوّة العسكرية ضدّهم لاحت لحزب الإصلاح فرصة لتزعّم المشهد من خلال الترويج لاستعادة صنعاء بالقوّة تحسّبا لما قد تفضي إليه التطورات الجارية من تغييرات.




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.