واشنطن_صوت الشعب_CNN:
بعد صفقة مبادلة سجناء حركة طالبان والتي أدت إلى الإفراج عن الرقيب الأمريكي بوي بيرغدال، قال عضو مجلس الشيوخ جون ماكين، الجمهوري الممثل لولاية أريزونا، لقناة فوكس للأخبار إن 30 في المائة من المعتقلين بغوانتانامو "عاودوا القتال مجدداً بعد الإفراج عنهم."
إنه رقم أعيد تكراره مرات عديدة خلال السنوات الماضية، ولكن هل هذا الرقم صحيح؟
إن ذلك يعتمد على من يعمل على حسبته.
فوفقاً لمكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكي، الذي ينشر دورياً ملخصاً علنياً عن السجناء السابقين، أشار فيه بتاريخ يناير/كانون ثاني لهذا العام إلى أن 104 من أصل 614 معتقل أفرج عنهم (أي نسبة 17 في المائة) عاودوا الانخراط في "نشاطات إرهابية" بينما اشتبه بعودة 74 منهم أي (12 في المائة) بعودتهم لتلك النشاطات، لذا فإنه من المستحيل تأكيد مدى صحة التقييم الذي قدمته الحكومة الأمريكية للوضع على لسان ماكين، بتأكيد أو الاشتباه بعودة 30 في المائة من المعتقلين إلى ممارسة نشاطات إرهابية، لأن الحكومة الأمريكية لم تكشف عن أسماء أي من هؤلاء المعتقلين طوال الخمس سنوات الماضية.
كاتبا التحليل: بيتر بيرغل، يعمل محللاً للأمن الوطني في CNN، ومدير مؤسسة "New America" ومؤلف كتاب "Manhunt: The Ten-Year Search for bin Laden -- From 9/11 to Abbottabad"، وبيلي كاهال يعمل محللاً سياسياً في البرنامج الأمني الدولي التابع لمؤسسة "New America".
وتعرف الحكومة الأمريكية الإرهابي أو الجاسوس بشكل "مؤكد" على أساس "الرجحان" أو وفقاً لمعلومات يمكنها أن تؤدي لذلك الاستنتاج، أما الفئة "المشتبه بها" فيتم تحديدها وفقاً مصدر واحد أو مصادر مجهولة جديرة ظاهرياً لتصديقها للوصول إلى الاشتباه بالانخراط بأعمال إرهابية.
ولتسليط الضوء لتحديد هوية معتقلي غوانتانامو الذين عاودوا الانضمام إلى ميليشيات أو الانخراط بنشاطات إرهابية، قامت مؤسسة "New America" بتحليل التقارير والقصص الإخبارية والوثائق العلنية الصادرة عن البنتاغون، لتشكيل قائمة بأسماء المعتقلين السابقين الذين "عاودوا القتال على أرض المعركة"، ويمكن الحصول على القائمة هنا.
وقامت المؤسسة التي أجرت التحليل بتحديد رقم أقل بكثير ممن كشفت عنه الحكومة الأمريكية ، فمن بين الـ 620 سجين سابقين الذين نقلوا إلى مخيم المعتقل، فقد حددنا 15 معتقل سابق في غوانتانامو، عاودوا القتال بعد الإفراج عنهم (أي ما نسبته 2.5 في المائة) والذين اعتقلوا بعد التأكد من ضلوعهم بنشاطات إرهابية أو تجسسية ضد الولايات المتحدة أو مواطنيها، بينما عاد 21 مشتبهاً بانخراطهم في تلك النشاطات (أي ما نسبته 3.5 في المائة)، وممن أفرج عنهم بعد اعتقالهم بغوانتنامو.
كما قمنا بتحديد 18 معتقل سابق ممن لم يتحدد تأكيد أو الاشتباه بانخراطهم في نشاطات إرهابية (وهي نسبة 3 في المائة)، وبأخذ هذه الفئات الثلاث معاً، فإن القائمة اكتشفت بأن ثلث معتقلي غوانتانامو عادوا إلى ساحة القتال مقارنة بالرقم الذي وفرته الحكومة الأمريكية.
ومثال حديث لهذا الوضع هو المواطن البريطاني معظم بيغ، وهو معتقل سابق بغوانتانامو أطلق سراحه عام 2005، وسجن في ديسمبر/كانون أول بتهم إرهابية متعلقة بالحرب الأهلية التي تشهدها سوريا، وهي تهم أنكرها.
من المهم أن نلاحظ بأن أغلبية الأفراد الذين أكد أو اشتبه بتورطهم مع جماعات ميليشية أطلق سراحهم خلال رئاسة جورج بوش، وهي حقيقة منسية وسط التعليقات الحالية.
ولأغراض الدراسة التي أجريناها، كان يجب توفر حد من "الترجيح" بالمعلومات التي عملت السلطات على "تأكيد" تورط معتقل بنشاطات الإرهابية، وحد من "الاشتباه" لعدم التأكد بانخراطهم في مثل تلك النشاطات.
وفي الوقت نفسه يوجد احتمال بأن بعض المعتقلين السابقين شاركوا في عمليات إرهابية لم يكشف عنهم للعلن، إلا أننا واثقون بأن أرقامنا دقيقة لدرجة معقولة، لأن الجماعات مثل القاعدة وطالبان يتحمسون للكشف عن هويات معتقليهم بغوانتانامو ممن تم الإفراج عنهم، لأن مثل هذه الأخبار تساعد في الترويج لهم، كما أن وسائل الإعلام تسارع لتسليط الضوء على مثل هذه القضايا.
ووفقاً للنتائج التي توصلنا إليها فإنه لو جمعت جميع المعتقلين المؤكد والمشتبه بتورطهم بأي نشاط مسلح حول العالم، فإن المجموع سيساوي 54 معتقلاً أو 8.7 في المائة، وهي نسبة أقل بكثير من 30 في المائة التي تناولتها كل من دوائر الاستخبارات الأمريكية وأعضاء الكونغرس.
وهذه النسبة هي أقل بكثير من نسبة المجرمين داخل الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تبلغ 67.5 في المائة، وفقاً لآخر الأرقام التي نشرها مكتب الإحصائيات القضائية.
وبالتأكيد فإن بعض معتقلي غوانتانامو الذين أفرج عنهم في إدارة بوش يعتبرون خطرين للغاية، فمثلاً سعيد علي الشهري كان يعمل مؤسساً مساعداً لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية عام 2009، وقد نقل إلى السعودية عام 2007، إذ أنهي الشهري برنامجه التأسيسي في السعودية وانتقل بعدها ليكمل أعماله في اليمن، حيث تولى منصب نائب القائد العام لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وقتل خلال غارة بطائرة بدون طيار أمريكية في اليمن العام الماضي.
وأضرب مثالاً آخر بعبدالله غلام رسول (المعروف أيضاً باسم ملا ذكير)، الذي أصبح أحد أبرز قادة حركة طالبان، نقل رسول أيضاً من غوانتانامو إلى أفغانستان عام 2007 بعد إفراج إدارة بوش عنه، وعاد إلى حركة طالبان بعد فترة وجيزة من إفراج السلطات الأفغانية عنه.
وخلال إدارة أوباما تعمل وزارة الخارجية ووزارة الدفاع الأمريكيتين على تقييم التهديدات الشاملة لتحديد قابلية الإفراج عن أي من المعتقلين من عدمها، وهذا ساعد بأنه ومن بين المعتقلين الـ 88 الذين أطلق سراحهم في عهد أوباما، تمكنا من العثور على معلومات شخصية عن واحد فقط، عبد الحفيظ، والذي عاد إلى أفغانستان بعد اتهامه بالقتال لصالح طالبان واستهداف عمال المساعدات الأفغان (العناصر الاستخباراتية تدعي بأن المفرج عنهم في غوانتانامو بعهد رئاسة أوباما انضموا إلى جماعات ميليشية.)
وبالطبع فإن السجناء الذي يتبوؤون مناصب عليا في حركة طالبان والذين أفرج عنهم مقابل إطلاق سراح الرقيب بيرغدال ليسوا بذي أهمية قليلة ، حتى أن أوباما بنفسه أشار إلى أنهم قد يشكلون تهديداً مستقبلياً، إذا قال: ""هل يوجد هنالك احتمال بأن بعضهم قد يحاول العودة لنشاطات ضارة بالنسبة إلينا؟ بالتأكيد قد يتواجد احتمال بخطورة يمكن أن ترتد علينا."
لكن هؤلاء الرجال لن يتم إطلاقهم ليتحركوا بحرية في المجتمع الأفغاني، إذ أصبحوا بعهدة قطر، التي تتصف بثرائها وفعاليتها وقدرتها في الشرطة، وقد منعوا من السفر لمدة عام، وعلى افتراض بأن حظر السفر هذا سيختتم عامه، فإنه من المرجح أنه وفي وقت رجوعهم لأفغانستان، لن يكون هنالك تواجد للجيش الأمريكي فيها بتوقع انسحاب جميع القوات بحلول ديسمبر/كانون الأول لعام 2014، لذا فإن أي تهديد يمكن أن يشكله هؤلاء المعتقلون الخمسة برجوعهم إلى أفغانستان سيعتبر ضئيلاً حينها.
خيرالله سعيد والي كان من أوائل الأعضاء في حركة طالبان عام 1994، وكان يعمل وزيرا للداخلية خلال حكم الحركة لأفغانستان، اعتقل في باكستان ونقل إلى معتقل غوانتانامو في مايو/أيار عام 2002، وخلال استجوابه أنكر علمه بأي من النشاطات المتطرفة.
ملا محمد فضل قاد قوة لحركة طالبان خاضت معارك مع حلف شمال الأطلسي المدعوم من الولايات المتحدة عام 2001، عمل قائداً للجيش خلال نظام حكم طالبان، اعتقل بعد أن سلم نفسه لقائد الجالية الأوزبكية بأفغانستان، عبد الشيد دوستم، في نوفمبر/تشرين ثاني عام 2001، ونقل إلى عهدة أمريكا في ديسمبر/كانون أول في العام ذاته، وكان من أول الواصلين لمعتقل غوانتانامو، حيث اعتبر ذو معرفة استخباراتية هامة.
ملا نورالله نوري استلم منصب الحاكم لمحافظة بلخ بأفغانستان خلال حكم الحركة، ولعب دوراً خلال قتال طالبان ضد التحالف الشمالي بأفغانستان، ومثل فضل اعتقل بعد أن سلم نفسه لقائد الجالية الأوزبكية، دوستم عام 2001.
عبدالحق واسق كان نائب رئيس الاستخبارات لحركة طالبان، وأشارت تقييمات إدارية، إلى أن واسق ادعى بأنه اعتقل خلال مساعدته أمريكا في تحديد مسؤولين بالحركة، وأنكر أي صلة تربطه بالمليشيات.
محمد نبي عمري كان مسؤولاً ثانوياً للحركة في محافظة بلخ، وكان رئيس الاتصالات بالحركة، وساعد على تهريب أعضاء من تنظيم القاعدة من أفغانستان إلى باكستان، وقال إنه عمل مع عنصر استخباراتي أمريكي اسمه "مارك" لتقفي أثر زعيم الحركة ملا عمر.