ملفـات وتقـاريـر

14 سبتمبر, 2024 02:24:07 ص
كتب/ جمال أنعم:
مع كل انتكاسة على الصعيد العام ترتفع المطالبات بإحداث تغيير داخل التيارات الحزبية المعارضة في حين يبدو هذا الأمر مسارا مرتبطا بالتغيير العام للمجتمع والدولة ونظام الحكم..
نحن نطالب بتغييرات جذرية داخل الأحزاب في ظل مناخات غير صحية ولا آمنة مجهضة للتحولات ومقوضة للمجتمعات والدول.

الحركات والأحزاب التي عاشت تجارب مؤلمة وارتطمت باكرا مع الأنظمة القمعية ظلت تحاذر كثيرا الخروج بشروط الواقع. بل حاولت الخروج بشروطها.اذلم يتح النظام ممارسة ديمقراطية تسمح بإحداث تحولات حقيقة ودفع المنع والحظر توجهات عديدة للإشتغال في الهوامش ومحاولة الحضورداخل المجتمع والمشاركة في السياسة تحت أغطية لم توفر لها الستر ولا الظهور المحمي بقوة الدستور والقانون في بلدان مازالت هشةوالديمقراطية فيها خاضعة للحاكم.

ما زال تطور هذه الكيانات محكوما ومسيطرا عليه وخاضعا للمراقبة من قبل النظام القابض على أدوات القوة والتغيير ووسائل الفعل والتأثير.

لهذا تبدو عمليات التحول والنضج داخل هذه التوجهات بطيئة تحكمها المخاوف والمحاذير الذاتية والموضوعية.
وهو ما يعني أن تطورها ظل مرتبطا بعجلة التحول العام بالضرورة.

في اليمن ما زال التجمع اليمني للإصلاح مدعوا في كل منعطف للمراجعة ، وكثرت المطالبات في الآونة الأخيرة من داخله وخارجه بعمل تغييرات مؤسسية وتنظيمية تقيه التراجع وحملات الإضعاف.

المراجعات بالطبع لا تعني التوقف وإنما الالتفات إلى القصور وأنت تسير تعاود لتعود أقوى وأشد هكذا في حركية دائبة لا تتوقف.

أخطاؤنا لا تقيد خطانا، يجب أن تصير باعثا على التجاوز ودافعا للانطلاق والانعتاق، نحن ضد أن يسحب الإصلاح المعركة كاملة إلى داخله وأن يصير عدو نفسه . كذلك نحن نمر بظرف عصيب أقول نمر وهو ما يتطلب مزيدا من الدافعية ومزيدا من الانفتاح على الواقع لا الانغلاق والانكفاء على الذات والبحث عن خيارات انطوائية أكثر،
يحتاج الإصلاح إلى استنفار كل قواه وطاقاته لمواجهة الانهيار المجتمعي العام واستنهاض الروح الوطنية وإعادة بناء كل ما انكسر وتهاوى من منظومة القيم والمبادئ المؤسسة للوجود والحامية والضامنة لبقاء الدولة وحماية مكتسبات الحركة الوطنية على امتداد تاريخ اليمن المعاصر.

لن نغير ولن نراجع شيئا ما لم تتسع صدورنا للنقد حسب مواقعنا ومسؤلياتنا وأدوارنا وما لم نفكر بصوت عال ومسموع.

وللإصلاحيين من التربية ما يعصمهم من الشطط والنزق وزلات القول والفعل والوقوع في السخط واليأس والذهاب نحو أكثر الخيارات بؤسا ويأسا وسوءا. ولهم من الحب والحرص الصادق والثقة ما بنفي الريبة والظنون السيئة وكل ما يبعدهم عن الحق ويمسكهم عن الجور في حق أنفسهم بأكثر مما جارت عليهم الخيانات.

نحن مع التغيير وضد التبرير ومع الواقعية في التفكير حال الوقوع، مع مواجهة الحقائق وعدم القفز على الأسباب والمسببات .ضد استثناء الذات من المساءلة والمحاسبة ضد التفكير اللامنطقي واللاعقلاني في التعامل مع الأحداث والخطوب المختلفة.

ضد أن نبحث للقصور والاختلالات عن أغطية وأردية من كل نوع ومن السذاجة أن يغدو الفشل امتيازا ربانيا للذات الممتحنة بصنوف الابتلاءات والكوارث والويلات.

ثمة من يصنع الكارثة بيديه ويسير إليها برجليه ثمة من يختار الهاوية ويسعى نحوها بإصرار وبتعامٍ وغباء وتساهل نادر، ومع كل كارثة لا تعدم البلاهة الأعذار.

نعرف أناسا تفننوا في صنع الكوارث بجهالة ملازمة وكلما استوى العته فاجعة رأيتهم يبدون براءة تلاميذ وصلوا للتو لأخذ الدروس والعظات من فم الخطوب والرزايا الماحقة.
هذا النوع من التعلم خطر ومكلف ومن قال إننا نتعلم من بلادتنا وقصورنا وعدم أهليتنا وعمانا المديد؟

نحن نتعلم من كل ما فات انتباهتنا ويقظتنا ووعينا وإدراكنا من كل ما نسيناه أو أهملنا التفكير فيه وقصرت حساباتنا عن الإحاطة به واستيعابه. هي الحياة حسبة وموازين وعمل مشروط، كدح من أجل الكسب وكفاح ضد الخسران، لك فيها الخيار والقرار وأنت الحر المسؤول سيد نفسك وصانع قدرك لا شماعات تعلق عليها خيباتك وإجهاضاتك “قل هو من عند أنفسكم”.

هكذا يحسم المولى لحظة الارتباك والتعثر حيث تندفع الذات المصدومة خارجها للبحث عن ملومين في محاولة للتملص والهرب من العبء والمسؤلية.
هناك جزئية مهمة وهي أن إدراكك للمؤامرة لا يعني دائمًا قدرتك على التعامل معها وتجاوزها، صحيح أن مسار الأحداث وطبيعة المؤامرة والمتآمرين مسار مربك ومعقد وكل ساعة يباغتك بحدث وحديث.

وتعاملك الفعال مع المؤامرة مرهون بطبيعة المؤامرة وحجمها والأطراف التي وراءها وامكاناتها كما أنها مرهونه بموقعك ووضعك وبقدراتك ومبادرتك وذكائك.وسياساتك ومدى جاهزيتك وفعاليتك في التعامل والمواجهة
موقع الإصلاح من المعادلات الحاكمة وانحشاره ضمن مربع الحكم قلص خياراته وقدراته وهامش مناوراته إلى حد كبير وضاعف فشل الأداء وقصوره في مزيد من الانحشار وفقدان التوازن والفعالية.

العملية السياسية في اليمن صارت مصيدة كبيرة للأحزاب وكل حمل فيها وفق وزنه وحجمه ومكانه ومكانته.
وقد وجد الإصلاح نفسه في مواجهة مؤامرات تقودها أجهزة ومؤسسات بدعم خارجي كبير وقوى كثيرة بإمكانات مهولة. الأمر لم يكن بالسهولة التي نتصورها كي نقول نحن لا نسلم بنظرية المؤامرة
قد تتجاوز التحديات إمكاناتك وحين يتجمع عليك الخصوم كهدف وحيد فبالتأكيد لن تكون في الموقع الأفضل وستبقى مدفوعا وفي حالة دفاع وانسحاب مختنقا حد الإنهاك.
لكن يبقى السؤال عن مدى إسهامنا لنصل إلى هذا المآل؟ تتآمر الذات ضد نفسها أحيانا بأشكال وصور غريبة لا تعدم التسويغ وقليلون من يملكون فضيلة الاعتراف بمسؤوليتهم قبل مساءلة الآخرين
يقيني أن المؤامرة كانت أكبر من الإصلاح ولم تكن حربا بل حروبا ضارية.

يمكنك أن تتصور بلدا محمولا على رأس حزب يريد أن يعبر به الجحيم فإذا جحيمه آت من كل ما كان يحمل ويحاول إنقاذه
كان صراعا قذرا بكل المقاييس استهدف الإصلاح في مسار وطني هو منه في موضع القلب الدامي الطعين، أثخنوه طعنا كي تسقط اليمن وما زال مطالبا أن يكون المقاتل والقتيل والفادي الأسير والمضحي والمضحى به والمقاوم المغدور والمدافع عن الشرعية والمدفوع خارجها على الدوام.




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.