18 أبريل, 2025 05:02:24 م
بقلم/ معاذ عبدالواحد الصبري*
المقدمة: تحديات غير مسبوقة في موازين الشركات:
في خضم العاصفة الاقتصادية التي يعيشها اليمن، تبرز أزمة تقلبات سعر الصرف كأحد أهم التحديات التي تواجه القطاع التجاري والصناعي. كخبير محاسبي وقانوني، أرى أن الفروقات الناتجة عن اختلاف أسعار الصرف بين تاريخ المعاملة وتاريخ التسوية تؤدي إلى ظهور أرباح أو خسائر وهمية قد تشوّه القوائم المالية وتؤثر على قرارات الإدارة والمستثمرين ، ما يستدعي تطبيق إجراءات استثنائية تحقق العدالة المالية وتحمي حقوق المساهمين.
فروق الصرف الناتجة عن اختلاف أسعار العملات بين تاريخ المعاملة وتاريخ التسوية أو الإقفال أصبحت أحد أكبر المخاطر المحاسبية في اليمن. ولتجنب هذه المشكلة، نوصي باتباع إجراءات دقيقة لضمان عدالة القياس والافصاح المالي.
الإطار القانوني والمهني للمعالجة :
بناءً على المعايير المحاسبية الدولية (IAS 21) ومبدأ الحيطة والحذر، تقدم هذه الرؤية حلولاً عملية مدعومة بخبرة ميدانية تمتد لأكثر من عقدين في التدقيق والاستشارات المالية:
إجراءات مقترحة لمواجهة تحدي فروق الصرف:
تسجيل قيمة الأصول الثابتة بالريال اليمني بالعملة المحلية:
ينصح بتسجيل الأصول الثابتة، مثل المباني والمعدات... الخ، بالعملة المحلية وبسعر الصرف يوم الشراء، وليس بسعر الصرف الجاري. ذلك لأن تقلبات الصرف قد تزيد أو تقلل من قيمتها بشكل وهمي، مما يؤثر على حسابات الإهلاك والقيمة الدفترية وتظهر هناك فروق صرف عملة عند عمل قيد اقفال فروق العملة.
تحويل رصيد حقوق الملكية والأرباح المتراكمة بالعملة المحلية(لحماية رأس المال من التآكل):
يجب أن تُحول حقوق الملكية والأرباح أو الخسائر المتراكمة من السنوات السابقة إلى الريال اليمني باستخدام سعر الصرف في نهاية الفترة المالية (سعر الإقفال)،و إنشاء "احتياطي تقلبات العملة" كجزء من حقوق الملكية, وذلك لضمان أن تعكس القوائم المالية القيمة الحقيقية في نهاية التقرير.
إثبات المصروفات بسعر الصرف الفعلي يوم المعاملة:
لتجنب فروق سعر الصرف النتائج المالية، يجب تسجيل المصروفات بالريال اليمني وفقاً لسعر الصرف في تاريخ حدوثها, و الفصل بين الأثر التشغيلي وغير التشغيلي لفروق الصرف.
المخصصات: درع الوقاية المالية:
في ظل انتشار المديونيات المتعثرة، خاصة تلك التي تأخر تحصيلها لفترات طويلة، يُفضل تخصيص مخصص للديون المشكوك فيها بنفس العملة الأصلية ، لتجنب تأثير تقلبات الصرف على تقديرات التحصيل, و هيكلة المخصصات بنظام الطبقات (Tiered Provisioning),وربط سياسة المخصصات بتصنيف الجدارة الائتمانية.
سياسة التحوط: تخصيص 50% من فروق الصرف كاحتياطي طوارئ:
تنصح العديد من الشركات باعتماد سياسة الحيطة والحذر، يُعترف ببقية الفروقات وتُقفل في حساب الأرباح والخسائر بعد تجيب 50% فروق الصرف كاحتياطي طوارئ (مخصص) لمواجهة التقلبات المستقبلية.
الإقفال الشهري لفروق الصرف وتحديث الأسعار يومياً:
لتجنب تراكم الفروقات الكبيرة، يجب إقفال حسابات فروق الصرف كل شهر، مع تحديث أسعار العملات الأجنبية يومياً لضمان دقة التسجيلات المحاسبية مع توحيد سياسات معالجة فروق الصرف عبر الفروع.
خاتمة: نحو إدارة مالية أكثر استقراراً:
كخبراء في المجال المحاسبي، نؤكد أن التطبيق الدقيق لهذه الاجراءات لن يحقق فقط الشفافية المالية، بل سيشكل درعاً واقياً ضد المخاطر التشغيلية والقانونية، واتخاذ قرارات أكثر دقة. إنها مسؤولية مشتركة بين الإدارات المالية ومراجعي الحسابات والجهات الرقابية لبناء نظام مالي قادر على مواجهة التحديات.
ونؤكد على ضرورة تحديث الأنظمة المحاسبية، وتدريب الكوادر المالية، واللجوء إلى أدوات التحوط المالي إذا أمكن، لضمان بقاء الشركات قادرة على الصمود في وجه هذه التحديات.
بالتزامن مع هذه الإجراءات، يُفضل استشارة **مراجع خارجي** أو خبير مالي لضمان الامتثال والشفافية
كلمة أخيرة:
في اقتصاد يعاني من عدم الاستقرار، تكون المحاسبة السليمة هي خط الدفاع الأول للحفاظ على مصداقية البيانات المالية واستمرارية الأعمال.
*محاسب قانوني
نقيب المحاسبين - رئيس مركز المستشارين