ملفـات وتقـاريـر

21 مارس, 2025 03:43:46 ص
كتب/ موسى المليكي:
على مرّ السنين، ظلّ المعلم صامتًا، لا احتجاج يُسمع، ولاى موقف يُرعب، حتى بات صمته تربةً خصبةً نما فيها الطغيان وترعرع الفساد. فحين سكت المعلم عن حقه، تجرأ الظالم على سرقته، وحين انحنى تحت وطأة الحاجة، رُكِلت كرامته، حتى صار يُعامل كعامل أجير، لا كركيزة للأمة وصانع للأجيال.

لكن هل يدرك المعلم أن صمته هو ما صنع هؤلاء الطغاة؟ هل يدرك أن كل لحظة تردد زادتهم تمادياً، وكل تنازل قدمه كان سلاحًا استُخدم ضده؟ لقد تحوّلت رواتبه إلى فتاتٍ يُمنح حينًا ويُمنع أحيانًا، وتحولت مكانته إلى مجرد وظيفة هامشية في نظر المتنفذين، وهو – رغم ذلك – ما زال يبتلع القهر خوفًا أو يأسًا.

اليوم، لم يعد الصمت خيارًا، ولم تعد المطالب تُقدَّم كرجاء، بل كحقٍ أصيلٍ لا يقبل المساومة. لكن هذا لن يتحقق إلا إذا اجتمع المعلمون على كلمةٍ واحدة، بعيدًا عن الحزبية التي مزقت صفهم، والمصالح التي شتّتت جهدهم. عليهم أن يدركوا أن قضيتهم ليست فردية، ولا سياسية، بل مجتمعية تمسُّ كل بيت، وكل طالب، وكل مؤسسة.

وهنا يأتي دور المجتمع، فالطلاب أول من يجب أن يدافع عن معلميهم، لأن مستقبلهم رهين بمستوى التعليم الذي يتلقونه. وعلى الإعلام أن يكون سيفًا للحق، لا أداة لتلميع جهة على حساب أخرى، ولا وسيلةً لصرف الأنظار عن جوهر القضية.

إن كرامة المعلم ليست ترفًا، ولا المطالبة بحقوقه جريمة، بل هي حجر الأساس لنهضة أي أمة. وإذا لم يتحرك اليوم، فسيبقى أسير الفساد، ولن يجد من يستمع لغضبه حين يقرر أخيرًا أن يتكلم.

فيا أيها المعلم، إن صمتَّ أكثر، فستلد الأيام طغاةً جددًا، وإن انتفضت بوعيٍ ووحدة، فسيعود لك مجدك الذي لن يهبه لك أحد، بل ستنتزعه بإرادتك!




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.