منذ الساعة الثامنة صباحا وحتى السادسة مساء كانت الندوة الأكاديميةالتي أعدت لها جامعة دارم القريبة من نيوكاسل قيمة للغاية وتستحق الاستماع فيهاإلى الأوراق البحثية عن عدن والجنوب العربي وأسباب فشل اتحاد الجنوبي ونجاحه فيدولة الإمارات العربية المتحدة .. البحوث قدمها باحثون في جامعات بريطانيةونرويجية وسويسرية وأيضا بحث لاكاديمي في جامعة تل أبيب ، بالإضافة إلى دبلوماسيينوسياسيين بريطانيين عملوا في الجنوب قبل وبعد الاستقلال أبرزهم المستشار السياسيللمحميات استيفندي والدبلوماسي نويل برهوني رئيس جمعية الصداقة البريطانية اليمنية وصاحب كتاب اليمنالمقسم Yemen Divided .. ندوةتستخلص منها وباختصار أن اتحاد الجنوب العربي فشل بسبب المقاومة التي واجهها شعبيا، وقرار حزب العمال في بريطانيا في تلك الفترة الجلاء وإنهاء حقبة استعمارهاللجنوب لأسباب مالية أولا وتدخل مصر عبدالناصر وإغلاق قناة السويس .. وبالتالي لميعد مجديا الاستمرار في الجنوب .. نجاح تجربة الإتحاد في الإمارات هو رغبة الشيوخفي الاتحاد وعدم وجود أية مقاومة لاستمرار الدعم الاستشاري البريطاني في عدد منالمجالات حتى اليوم .
الخلاصة من ذلك أن فكرة الأقاليم التي تروج لها السلطة في اليمن عمل لاعلاقة له باجندات خارجية لأن فكرة اتحاد الجنوب العربي فشلت وبوجود الإدارةالبريطانية العسكرية والسياسية والإدارية من عدن حينها ، فكيف ستنجح الآن في ظلدولة هشة ورفض شعبي جنوبي واسع لفكرة الأقاليم الستة أو تقسيم الجنوب.. على هامشالندوة وهي الفوائد السياسية التي أحرص على عدم تفويتها توسيع العلاقات مع بنيتهامنذ أن كنت عضوا في المعهد الملكي البريطاني للدراسات الاستراتيجية شتام هاوس ..وتوسيع العلاقات مع من يمثلون الجهات المسؤولة عن اليمن في وزارة الخارجيةالبريطانية .. فوائد المشاركة الاستماع إلى المعلومات من مصادرها وجعل القضيةالجنوبية حية ليتفاعل معها باحثون وسياسيون هم من يقدم النصح لصناع القرار فيبلادهم.
البعض يقلل من أهمية المشاركة في مثل هذه الندوات السياسية ويعتبرهامبالغة ، والبعض بطريقة سطحية يعتبرها بحثا عن الشهرة لا عن المعرفة وجعل القضيةيتفاعل معها الخارج بكل تفاصيلها بعيدا عن ممارسات التضليل التي تقوم بها الأطرافالسياسية أو السلطة في الشمال .. ناهيك انه جهد شخصي للدفع بقضيتنا من خلال بناءالعلاقات التي تقدر بثمن مع شخصيات مؤثرة كتلك التي حضرت إلى دارم من دول وجامعاتبريطانية مختلفة.
باختصار رسالة الندوة وتوقيتها واضحة وضوح الشمس أن التقسيم للجنوبفاشل كما فشل الحقبة الاستعمارية البريطانية .. وان الحل يكمن بيد اليمنيين أماإقليمين وفترة انتقالية كما أبلغني أحد الخبراء المشاركين ، لأن أي حل خارج هذاالمنطق وسط الرفض الجنوبي للاقليم الستة والمتغيرات التي فرضها الحوثي في الشمالسيؤدي حروب مستمرة ستؤجج الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم اذا فلتت الأموروخرجت عن السيطرة وتجاوز السياسيين الإرادة السياسية للناس.