كتابات وآراء


04 أكتوبر, 2022 04:44:00 م

كُتب بواسطة : صالح علي مقيشم - ارشيف الكاتب



بقلم / صالح علي بامقيشم:

استنفذ العسكر مبررهم الوجودي في بلدان الربيع كما استنفذها الإخوان وقوى الدين السياسي ؛ العسكر كانوا المظلة التي تم توظيفها من قبل مكونات الدولة العميقة متمثلة في الجنرالات وعسس الأمن ورجال الأعمال والبيروقراطية الفاسدة وهؤلاء شكلوا توليفة أخضعت المجتمعات لفوبيا الانتقال الديمقراطي وعرقلوا عملية التحول الخلاق .

تم الاجهاز على المقدرات الوطنية بحجة حماية الشعب من الاخوان والتنظيمات المتطرفة وتم الالتفاف على المطالب الشعبية وممارسة الاستبداد والعنجهية والفساد بشكل أكبر مما كان عليه الأمر في السنوات السابقة .

ولدت نسخة جديدة من نظام العسكر تختلف عن النمط الكلاسيكي من خلال بناء تشكيلات مسلحة مليشاوية وقيادات جاءت من مهن أخرى وارتدت البزة العسكرية على غفلة من الزمن ونالت الألقاب والرتب الضخمة .

سلمت هذه الطبقة المحسوبة على العسكر البلدان للوصاية الأجنبية وجعلتها تحت رحمة الخارج وتنافست الوجوه المقدمة إلى الصدارة على الطاعة العمياء للخارج على حساب الوطن وارتهنت بشكل سافر وسلمت قرارها للسفراء والمنظمات وأجهزة الاستخبارات الخارجية ؛ في الأثناء واظبت على تدمير كل مايسهم في الاستقرار والبناء والتنمية ونشر الفوضى واللادولة لكي يبقى المجتمع مطواعا ومنهكا .

هذا الوضع جعل الشعوب تتذمر وتكتشف الخديعة ويشتد عصب الرفض للواقع وتطالب بإصلاح الحياة السياسية بعد افسادها عبر العسكرة والملشنة وتهميش دور الأحزاب والنقابات والبنى الأهلية ونتيجة غياب الخدمات والمعاشات وشعور المواطن أن السلط العسكرية تمارس ضده عملية نهب وتقطع بشكل وقح وفي وضح النهار .

قمة الاستهتار والاستحمار وقمة البلطجة سيكون ردة الفعل ازاءها المطالبة بإنهاء هذا الوضع واسترجاع الحقوق والمؤسسات المدنية وردم الفجوة بين الطبقات لكي تستعيد الاوطان والمجتمعات عافيتها وسكينتها .

لقد تم تجنيد الذباب الالكتروني الصاخب لتلميع وتسويق هذا المشروع الرث لكن الشعوب باتت اذكى وأكثر وعيا من هذه الوسائل وأصبحت تسخر من المنهج الإعلامي الرخيص الذي يستغفل العقول ويمتهن التطبيل .

طريق التغيير شاق لكنه مفتوح على مصراعيه لكل الآراء الجريئة والشعوب على أهبة الاستعداد لتستفرغ هذا القبح الذي انهكها طويلا ..وتستعيد الكرامة وسيادة القرار الوطني والعدالة الاجتماعية والحقوق السليبة .

كانت قوى الدين السياسي تعبر عن مصالح طبقة علوية تهيمن على السلطة والثروة وتبين أن المليشيات والعسكر يعبرون عن نفس الطبقة ونفس الاختيارات الاجتماعية ولم يكن تهميش الطبقات الفقيرة سوى تعبير عن غياب تمثيلها الحقيقي في سلم السلطة وعدم الاعتراف بها كليا ..فهل أدرك الفقراء من هو غريمهم اليوم؟.