كتابات وآراء


05 سبتمبر, 2022 06:27:00 م

كُتب بواسطة : صالح علي مقيشم - ارشيف الكاتب


نظام المحاصصة المليشاوي الطائفي في العراق يتداعى بعد أن وصلت الأطراف الفاعلة إلى حالة انسداد سياسي بعد الفشل في إقامة حكومة توافق بينها ولجؤ التيار الصدري الى الشارع وانسحاب أعضاءه في البرلمان وعددهم 73 نائب قبل أن يعلن الصدر نفسه إعتزاله العمل السياسي بعد أن سبقه المرجع كاظم الحائري ( رجل دين أوصى والد مقتدى محمد الصدر أتباعه بتقليده ) والذي أعلن أن مرجعيته هو السيد علي خامنئي وهو أمر له دلالته في العرف الحوزوي وموقف سياسي صريح يهدف إلى سحب البساط من تحت اقدام مقتدى الصدر المتمرد على طهران .

يؤسس الصراع بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري الى تصدع النفوذ الشيعي المسيطر على منظومة الحكم منذ زوال نظام صدام حسين عام 2003 ويمكن ملاحظة افرازات الصراع الشيعي الداخلي من خلال عدة نقاط :

_ ظهور نبرة معادية للنفوذ الإيراني الداعم للإطار التنسيقي والحشد الشعبي وفصائل أخرى (الإطار التنسيقي يضم سبعة من قيادات الكتل السياسية أبرزهم نوري المالكي وحيدر العبادي وهادي العامري ) وهؤلاء يتلقون الدعم مباشرة من إيران .

_ يصطف الأكراد والعرب السنة مع التيار الصدري باعتباره مناهض للعيمنة الإيرانية في العراق ويسعى إلى إعادة العراق الى حضنها العربي .

_ يعبر الصدر عن مصالح الشيعة المهمشين في جنوب ووسط العراق وهم قطاع واسع من الذين يشعرون بالنقمة على الأرستقراطية الشيعية الممولة من ايران ويرفضون حكم المليشيات المسلحة وحصر السلاح في إطار الدولة وتطهير القضاء والمؤسسات من الفساد حيث كرست وجودها لسنوات طويلة .

في خلفية المشهد يثور صراع فكري اخر بين مرجعيتي " قم " في ايران و " النجف " في العراق في ظل غليان مجتمعي ضد إيران بعد فشل الحكومات المتعاقبة في إخراج البلد من أزماته
ينظر إلى العراق باعتباره البلد الذي أسس النموذج المليشاوي الطائفي ومأسسة الفوضى والانفلات والاغتيالات والتي انتشرت لاحقا في كثير من الدول العربية ويرى البعض أن إنهاء النظام بتحالفاته السيئة وإقامة النظام العابر للطوائف والعرقيات والذي يمثل المضامين الوطنية فقط قد يعني زوال التجربة من بقية الدول .

اليوم العراق يقف على مفترق طرق حيث أن حل البرلمان وإقامة حكومة مؤقتة تمهد لانتخابات مبكرة قد تتأخر مما يعني إشكالية دستورية جديدة حيث أن الدستور العراقي قد حدد وقت قصير لحدوث هذه العملية.