01 يناير, 2022 12:20:00 ص
بقلم :نعمة علي أحمد السيلي
المشاركة المجتمعية بمفهومها التنموي تعني الجهد الجماعي المنظم الذي يندمج فيه كل أفراد المجتمع بقصد المشاركة الفاعلة والمؤثرة في جهود التنمية
ولاشك بان قوة المشاركة وثباتها تأتي من رغبة حقيقية واستعداد واسع للمشاركة لان الغاية من ذلك هو إحداث التغيير المنشود ، تغيير يرتبط بأفراد المجتمع ويصب في تطلعاتهم في تحسين أوضاعهم في شتى مجالات الحياة المادية والروحية
ومما لاشك فيه فالمشاركة المجتمعية والعمل التعاوني بين الناس ليست دخيلة علينا بل هي وثيقة الصلة بفكرنا وتاريخنا وثراتنا .
لقد كان ديننا الإسلامي الحنيف سباقا إلى تبني قيم التعاون والإخاء بين الناس وتعميق المبادئ التي تضمن المساواة بين أفراد المجتمع للتمتع بالحياة الكريمة والمشاركة الايجابية في إتخاد القرارات المرتبطة بحياة الناس ،وحث عليها ،ووضع الحوافز المؤدية إليها .
وقد كانت المساواة مبدأ عظيما من مبادئ الإسلام لم تستطع أي دعوة بلوغه لأنها قائمة على العدل ،وعلى معاني المحبة والصدق في العمل قال تعالى ((وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا)) سورة الفرقان الآية( 54 )وحث على الإخوة بين المسلمين فقال ((إنما المؤمنون أخوة ))الحجرات الآية 10.
والتآزر بين المؤمنين قال تعالى :(المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) التوبة الآية 71
وفي المشاركة الجماعية جاء في الآية 38 من سورة الشورى قوله تعالى(( والذين استجابوا لربهم وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون )).
وحث الإسلام على العمل بوصفه قيمة عظيمة للفرد والمجتمع فقال تعالى ((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم والمؤمنون )) [التوبة 105 ] .
وفي السنة النبوية وردت أحاديث كثيرة عن الرسول صلى عليه وسلم تؤكد أهمية العمل الجماعي بين المسلمين ، وتوحيد جهودهم لما ينفعهم . فقال: صلى الله عليه وسلم : (( يد الله مع الجماعة ولأن شدً أحدكم شد في النار )) . والمسلم لا يقف تكليفه عند نفع نفسه والعمل للمصلحة الذاتية بل إنه عضو فعال في مجتمعه ، قال الرسول صلى لله عليه وسلم : (( خير الناس أنفعهم للناس )).
وقال : (( الساعي إلى الخير مثل فاعله )) . بل إن أجر السعي في منفعة الآخرين ، والعمل على قضاء حوائجهم أو المساعدة على قضائها أكبر عند الله من القعود عن ذلك حتى لو كان القعود طلبا للعبادة .
يقول صلى الله عليه وسلم : لان خرجتُ لحاجة أخي خير لي من أن اعتكف في مسجدي هذا شهرا (يقصد عليه الصلاة والسلام المسجد النبوي الشريف ).
فالمسلم عضو في بنيان مرصوص يعمل على تقويته وتعزيز بنيانه بجهده وعمله التعاوني مع الآخرين حيث أكد على ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا )) .
وتكتسب قيم العمل المشترك والتواصل الاجتماعي والتآزر بين الناس اليوم أهمية كبيرة ، ذلك إن ظواهر الفقر والبطالة التي يعاني منها قطاع واسع من أفراد المجتمع تستدعي جهدا جماعيا وعملا جادا لابتكار الحلول ، والبحث عن فرص لتنمية قدراتهم وتمكينهم لتحقيق الحياة الكريمة.
إن القوانين والمواثيق الدولية هي أيضا جعلت الحق في التنمية حقا من حقوق الإنسان . جاء في المادة الأولى من قرار الأمم المتحدة رقم 41/128 الصادر بتاريخ 4 ديسمبر1986م ما يلي:
(( الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف , ويحق لكل إنسان ولجميع الشعوب المشاركة والإسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والتمتع بهذه التنمية التي يكون فيها أعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية أعمالا تامة)).
كما نصت المادة الثانية من القرار (( بأن الإنسان هو أساس التنمية ويفترض أن تكون مشاركته مشاركة إيجابية لأنه المستفيد الأول والأخير منها )) .
وعلى ضوء ذلك فالحق في التنمية هو حق من حقوق الناس سواء أكانوا أفرادا أو مجتمعات والمشاركة المجتمعية في عملية التنمية ضرورة ومهمة لتحقيق التعاون المثمر بين الجهد الشعبي والحكومي لتحسين مستوى حياة الناس لأنه لا يمكنا الحديث عن إحداث تنمية حقيقية ملبية لاحتياجات الناس إلا إذا تضافرت جهود الأهالي مع السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني
كما أكد دستور الجمهورية اليمنية في الفقرة (أ) من المادة السابعة على أهمية العدالة الاجتماعية الإسلامية في العلاقات الاقتصادية الهادفة إلى تنمية الإنتاج وتطويره وتحقيق التكامل والتوازن الاجتماعي والتكافؤ في الفرص ورفع مستوى معيشة المجتمع .
وجاء في المادة (24) منه على أن (( تكفل الدولة التكافؤ في الفرص لجميع المواطنين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتصدر القوانين لتحقيق ذلك.
ونصت المادة (25) منه بأن المجتمع اليمني يقوم على أساس التضامن الاجتماعي القائم على العدل والحرية والمساواة وفقا للقانون.
كما أشارت المادة (32) بأن التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية أركان أساسية لبناء المجتمع وتقدمه يسهم المجتمع مع لدولة في توفيرها
وجاء في المادة (الرابعة ) من قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2000م مايلي: ((يقوم نظام السلطة المحلية طبقا لإحكام الدستور وهذا القانون على مبدأ اللامركزية الإدارية والمالية والمشاركة الشعبية في إتخاد القرار للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال المجالس المحلية المنتخبة وسلطات هذه المجالس في اقتراح البرامج والخطط والموازنات الاستثمارية للوحدات الإدارية وممارسة دورها في عملية تنفيذ الخطط والبرامج التنموية طبقا لإحكام هذا القانون ، وكذا الرقابة الشعبية والإشراف على الأجهزة التنفيذية للسلطة المحلية ومساءلتها ومحاسبتها )).
إن توجهات الدولة منذ تسعينات القرن العشرين هو التخلي عن مزاولة النشاط الاقتصادي وترشيد دورها في تقديم الخدمات الاجتماعية واعتماد نهج الشراكة مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني حدد الدور الذي يفترض أن تقوم به منظمات المجتمع المدني والمتمثل في :-
تنظيم الجهد الشعبي والمجتمعي في الأنشطة الخيرية والتموينية والاقتصادية والثقافية والإبداعية والمساهمة في رفع الوعي والتعليم والتدريب والمساهمة من توحش السوق ومن معاناة الفقراء والمهمشين .
توفير آلية لمشاركة الناس في إتخاد القرار والمشاركة في الرقابة على أعمال الحكومة والقطاع الخاص ولضمان تفعيل المشاركة الشعبية فإننا معنيون كمنظمات مجتمع مدني برفع مستوى الوعي لأفراد المجتمع بمفهوم المشاركة الشعبية وأهميتها في تحسين مستوى حياتهم وغرس روح المبادرة والشعور بالمسؤولية الاجتماعية تجاه ما يدور في مجتمعهم وما يعانونه من معوقات وتنمية قيم الانتماء والمواطنة وتعزيز القناعات لديهم بأهمية التفاعل والمشاركة بين أفراد المجتمع المحلي ومنظمات المجتمع المدني والسلطة المحلية في صناعة القرار في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجتمعاتهم لتكون مشاركتهم كمستفيدين مشاركة فعلية في كل المراحل بدأ من :
ـ تحليل الأوضاع ومعرفة مكامن القوة والضعف والفرص والتهديدات.
ـ حصر المشاكل .
ـ تحديد الاحتياجات.
ـ ترتيب الاحتياجات حسب الأولويات .
ـ وضع الخطط لمشاريع التنمية والمساهمة في تنفيذها والرقابة والمتابعة والتقييم .
ويبقى السؤال هل تمكنت منظمات مجتمع مدني من ممارسة الدور الموكل لها بحسب المادة (4) من قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة ( 2000م) ، والتي تشير إلى وجود نظام حكومي مشترك يرتكز على المبادئ الآتية :
المشاركة الشعبية في عملية اتخاذ القرار .
اللامركزية المالية.
اللامركزية الإدارية.
اللامركزية في تقديم الخدمات .
وهل تمكنت من المساهمة في
أولا: ضمان شفافية استخدام الموارد وعدالة توزيعها لتحسين المستوى المعيشي لأفراد المجتمع.
ثانيا : المساهمة في تحديد احتياجات المجتمع وترتيبها حسب الأولويات . وضمان استيعابها ضمن خطط التنمية المحلية.
ثالثاً: تحسين دقة البرامج الاستثمارية للحكومة.
إن الحديث عن قدرة منظمات المجتمع المدني على ممارسة الشفافية والمساءلة والنزاهة وقدرتها على التأثير على سلطة القرار التنفيذي في السلطة المحلية وخاصة توجيه البرامج الاستثمارية للدولة بما يلبي احتياجات المجتمعات المحلية حديث عار عن الصحة ، وهذا لا ينفي أن هناك عددا محدودا من المنظمات ومن أصحاب الحظوة حصلت على الدعم وتمكنت من إنجاز بعض الأنشطة إلا أن الممارسة على أرض الواقع تؤكد بأن الأمور لا تسير سيرا حسنا وكثيرا ما يجري تسييس مبادرات منظمات المجتمع المدني دون النظر إلى أن غاية تلك المبادرات هي المصلحة العامة وتنفيذ أعمال ساعدت كثيرا من الشباب والأسر الفقيرة من الاعتماد على ذاتها في إدارة مواردها وكيفية استثمارها في مشاريع مدرة للدخل والتحول من باحث عن عمل إلى موفر لفرص.