20 يوليه, 2024 01:12:06 ص
عدن(صوت الشعب)خاص:
كتبه| محمد علي محمد أحمد:
لا شك أن دور كل من شارك من المقاومة الشعبية الجنوبية في الحرب التي شنها الحوثيين وعناصر نظام صنعاء على العاصمة عدن والجنوب عموماً كان عفويًا وبطوليًا ،ولقد أذهلوا المحتل و أرعبتهم شجاعتهم وعنفوانهم ، على الرغم من خبرتهم البسيطة في فنون القتال.
ولكن بعد تحقيق النصر واستتباب الأمن ، كان لابد من أن يحنِ الوقت فعلاً لتشكيل جيش وأمن نظامي من ذوي الخبرة والكفاءة العالية.
ولا ننسى بأن دور من شاركوا في الحرب دور كبير لا ينكره إلا جاحد ، ولكن إسناد مهام عسكرية وأمنية إليهم في مرحلة حرجة ومفصلية وقتها، والتي تتطلب ترتيب الأمور وتجهيز القوات الأمنية والعسكرية على أسس منهجية وعلمية، قد لا يكون هو الحل الأمثل ، فالمرحلة حينها تتطلب خبرات متخصصة وكفاءات عالية لضمان أمن واستقرار عدن والجنوب ، ولابد من مراجعة ذلك الآن و بشكل سريع جداً قبل أن تتفاقم الأمور و تسوء أكثر فأكثر وتخرج عن السيطرة .
فالحرب تختلف عن مرحلة ما بعد الحرب والتي تتطلب المهارات المتخصصة ، وللحرب مهارات مختلفة عن ظروف ما بعد الحرب للحفاظ على الأمن والاستقرار ، إذ تتطلب المهام الأمنية والعسكرية الحديثة مهارات وخبرات متخصصة في مجالات مثل الاستخبارات ومكافحة الإرهاب والشرطة الجنائية وغيرها من التشكيلات والتخصصات العسكرية والأمنية و يحتاج أفرادها إلى تدريب مكثف لضمان قدرتهم على أداء مهامهم بفعالية.
ولا يخفى عليكم بل وتلمسونه واقعاً اليوم ما أدى إليه من إسناد مهام عسكرية وأمنية إلى أشخاص غير مؤهلين من مخاطر أمنية جسيمة ، ولا يعني ذلك التقليل من شأن من شاركوا في الحرب فهم يستحقون كل التقدير والاحترام ، ولكن مرحلة ما بعد الحرب تتطلب جيشًا وأمناً نظامياً قوياً قادراً على حماية عدن والجنوب وتحقيق الاستقرار.
و يمكننا الاستفادة من خبرات من شاركوا في الحرب من خلال دمجهم في الجيش والأمن بعد تلقيهم التدريبات والدورات اللازمة والمكثفة و الاستفادة منهم ضمن منظومة الجيش والأمن ولكن ليس بأن تسند لهم قيادة ألوية أو كتيبة او أي ترقية عسكرية أو تعطى لهم الرتب العسكرية العليا مما يقلل من هيبة و شأن مؤسسة الجيش والأمن ويجعلها محل سخرية ، اذ لا تعطى رتبة ملازم ثاني الا بعد تخرجه من كليات متخصصة ، وليس بتلك الطريقة العشوائية وغير النظامية و لا قانونية في منح الرتب العسكرية والأمنية من باب التكريم لهم كما قد يقول البعض ، إنما تكريم اولئك الأبطال يتم بطرق أخرى، مثل منحهم أوسمة الشرف أو توفير فرص عمل مناسبة لهم والاستفادة منهم فيما يخدم مصلحة الوطن و يعزز من قوته ، وليس في تدمير مؤسسته العسكرية والأمنية وبالتالي إضعاف القدرة العسكرية وإصابتها بمقتل وجعل مفاصل الجيش والأمن في مهب الريح.
ختاماً .. لا بد من إيجاد حلول جذرية وسريعة توازن بين تكريم من شاركوا في الحرب وبين ضمان أمن واستقرار عدن والجنوب عامة لمواجهة المرحلة القادمة التي ستكون أكثر صعوبة من ذي قبل ، ويكفي ما مضى من عبث و استخفاف لازلنا نجني ثماره إلى هذه اللحظة ، و سنظل نعاني و نعاني إن لم نعيد الأمور إلى نصابها الصحيح ، ونعطي الخبز لخبازه كما يقال .
فمتى نعد إلى رشدنا ونعي أن قيام دولتنا لن يتأتَّى إلا بقيامها في قلوبنا أولاً ثم من خلال بناء أسس صحيحة في كل مجالات حياتنا ومنها الجانب العسكري والأمني ، حتى إذا أقبلنا على مرحلة الحسم والحزم لإعلانها نكون على أتم الجاهزية لفرضها واقعاً حياً متوكلين على ربنا و الأساس المتين الذي بنيناه بمنهجية و إدارة حقيقية ، وبغير ذلك فنحن كمن يدور حول نفسه ، وسنظل نستجدي الحرية والعدالة والاستقلال ، في حين لا نملك أبسط مقومات النجاح ولا أبجديات التغيير والحال هو الحال.