ملفـات وتقـاريـر

05 أكتوبر, 2024 05:16:28 م

كتب/ محمد الجبلي:

ما تثير الدهشة وتوقظ الاستغراب هي قضية الإنسانية التي تملأ قلوب بعض من يعيشون بيننا. بشكل أو بآخر، تجد قلوبهم تنبض بالإنسانية وتفيض كلما شعروا أنه قد يتم اتخاذ بعض الإجراءات من أجل تضييق الخناق على التمدد الحوثي، وإجبارهم على تسليم السلطة والعودة نحو السلام.

قلوبهم رقيقة ومشتعلة بالرحمة على الأبرياء. ستجدهم على المنابر الإعلامية، في الشوارع، وفي كل الأوساط، يصرخون وينوحون. ستجدهم أئمة القيم والإنسانية. في المقابل، يغيب كل هذا التنظير والاجتهاد أمام معاناة الآلاف بل الملايين من أبناء المحافظات الجنوبية المحررة.

في عدن وأبين ولحج وشبوة وحضرموت، وصلت درجات الحرارة إلى ما دون 45 درجة مئوية، حتى تداولت بعض الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي صوراً لأطفال ونساء وأرامل وشيوخ ومرضى تظهر وجع القلب. صور لما يعانونه في ظل الحر الشديد ولهيب الصيف القاتل. يموت الناس كل يوم بسلسلة من جلطات الدم والأزمات القلبية طالت الأطفال قبل الكبار، ورغم ذلك وصلت ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى 20 ساعة ليلاً ونهاراً، ناهيك عن تدهور سعر العملة وارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية اليومية، كل ذلك بسبب أنسنة المشكلة في مناطق سيطرة الحوثيين وتجاهلها في المحافظات المحررة.

ورغم أن البنك المركزي في عدن اتخذ خطوات جيدة في إخضاع كافة التحويلات الخارجية للرقابة من خلال نقل مراكز مراقبة السويفت لدى البنوك المحلية إلى العاصمة عدن، ورغم أنها جاءت متأخرة إلا أننا وجدنا من خرج من دوائر ما تسمى الحكومة الشرعية، والهذيان، والحث، وتقديم المبررات، والمبالغة في المشكلات بنتائج اتخاذ القرار حتى أبطاله. وجدنا في عدن حارساً وسداً منيعاً للأهالي في مناطق سيطرة الحوثيين، متجاهلاً معاناة أبناء المحافظات المحررة الذين يعيشون بينهم منذ أكثر من عشر سنوات.

صحيح أن ضرب محطة الكهرباء وخزانات النفط في الحديدة، التي جاءت من دول معادية والتي يبدو عداؤها الأبدي لديننا الإسلامي واضحاً، هو تدمير للبنية التحتية وعواقبه وخيمة، إلا أن هذا التدمير يأتي بشكل غير مباشر في عدن، حيث وعلى مدى الثلاثين عامًا الماضية، تم تدمير ميناء ومحطات كهرباء ومصافي بها عشرات الخزانات للمشتقات النفطية المرتبطة بشبكة خطوط أنابيب حديثة تحت الأرض تسهل نقل المشتقات بين جميع هذه الخزانات، فقد كانت مصدر دخل للدولة في الفترات السابقة، واليوم أصبحت أطلالاً، مع ذلك لم نجد من يصرخ أو يستنكر او يقول كلمة حق بخصوص ذلك.. وكأنهم يقول: ليعش الناس في صنعاء ويموتون في عدن.




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.