20 يناير, 2025 06:58:23 م
كتب/ هيثم قاسم الحالمي:
في قلب المشهد السياسي المضطرب الذي يعيشه اليمن اليوم، يقف الجنوب ككيان له خصوصيته التاريخية وشرعيته الراسخة، حاملاً قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو التغاضي عنها. إنها قضية التحرير والاستقلال واستعادة الدولة التي تمتد جذورها إلى ما قبل الوحدة اليمنية الاكذوبه الفاشله عام 1990 م ، حين كان الجنوب يتمتع بسيادته الكاملة على أراضيه، في ظل دولة ذات مؤسسات وهوية واضحة، واليوم، يشهد الجنوب حركة شعبية متصاعدة، ترفض الحلول المنقوصة والمشوهة، وتؤكد أن حقوقه المشروعة لا يمكن أن تكون محل مساومة أو تفريط.
منذ سنوات، يعاني الجنوب من سياسات ممنهجة تهدف إلى إفقاره وتجويعه، في محاولة لتركيعه وتشتيت قضيته العادلة. هذه السياسات، التي تحمل في طياتها أجندات تخدم أطرافاً إقليمية ودولية، تسعى إلى طمس هوية الجنوب وإجباره على القبول بحلول لا تلبي طموحاته ولا تعيد له حقه المشروع؛ لكن، وعلى الرغم من كل الضغوط، أثبت الجنوب أنه عصيّ على الانكسار، وأن إرادته أقوى من كل محاولات الالتفاف على مطالبه.
إن هذه السياسات لم تأتِ فقط على شكل أزمات اقتصادية خانقة أو تدهور في الخدمات الأساسية، بل امتدت إلى محاولات لخلخلة النسيج الاجتماعي الجنوبي، وإضعاف موقفه السياسي الموحّد. ومع ذلك، فإن الشعب الجنوبي، الذي عانى طويلاً من التهميش، لا يزال مصراً على التمسك بحقه في تقرير مصيره واستعادة دولته.
لم يكن الجنوب يوماً متقاعساً عن دوره في حماية اليمن من التهديدات الكبرى. فقد كان حليفاً وفياً لدول التحالف العربي في مواجهة التمدد الحوثي، وقدم تضحيات جسيمة في سبيل التصدي لهذا الخطر الذي يهدد المنطقة بأسرها. ومع ذلك، يشعر الجنوبيون اليوم بأن تضحياتهم لم تلقَ التقدير الذي تستحقه، وأن مطالبهم المشروعة تُقابل بالتجاهل أو بالتسويف.
إن الجنوب لم يكن مجرد شريك في الحرب ضد الحوثي، بل كان خط الدفاع الأول، مقدماً آلاف الشهداء، ومتحملاً أعباء الحرب في ظروف اقتصادية ومعيشية قاسية، واليوم، يطالب الجنوبيون دول التحالف العربي والمجتمع الدولي بالاعتراف الكامل بحقهم في استعادة دولتهم، كجزء من معادلة الحل العادل والشامل للأزمة اليمنية.
في ظل هذه التحديات، يظهر المجلس الانتقالي الجنوبي كرمز للوحدة السياسية الجنوبيه والمطلب الشعبي الجنوبي . إنه الكيان الذي استطاع أن يجمع أطياف الشعب الجنوبي تحت مظلة واحدة، ويعبر عن تطلعاتهم في التحرير والاستقلال.
إن المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أثبت قدرته على تمثيل الجنوب في المحافل الدولية والإقليمية، يدرك أن النصر لن يتحقق إلا بتكاتف جميع أبناء الجنوب، بعيداً عن الخلافات الداخلية التي قد يستغلها أعداء القضية. ومن هنا، فإن الشعب الجنوبي مدعو اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى تجاوز أي انقسامات والعمل يداً بيد لتحقيق الهدف المشترك.
على أصحاب القرار في المجتمع الدولي والإقليمي أن يدركوا أن الجنوب لن يقبل بأنصاف الحلول، وأن تجاهل قضيته العادلة لن يؤدي إلا إلى المزيد من التعقيد في المشهد اليمني. إن الجنوب، الذي أثبت وفاءه لشركائه في التحالف العربي، يستحق أن يُعامل بإنصاف واحترام، وأن تُلبى مطالبه المشروعة دون مماطلة أو محاولة للالتفاف عليها.
إن الرسالة واضحة: وتتمثل في ان الشعب الجنوبي مستعد للانتفاض من جديد، لقلب الطاولة على الجميع إذا لم تُحترم إرادته. واليوم، يقف الجنوب على مفترق طرق تاريخية، بين أن يستعيد حقه المشروع في دولة مستقلة، أو أن يظل حبيس دوامة القهر والتهميش. لكن، وكما أثبتت التجارب، فإن الجنوب لن يرضخ، وسيمضي قدماً نحو تحقيق حلمه مهما كانت التكاليف.
إن قضية الجنوب إ قضية شعب لا يرضى بالعيش في ظل الإقصاء والتهميش، ولا يقبل أنصاف الحلول أو المساومات. ومع تصاعد الحراك الشعبي الجنوبي ، وتوحّد الجنوبيين خلف قيادتهم السياسية، فإن النصر يبدو أقرب من أي وقت مضى.
الشعب الجنوبي، الذي قدم التضحيات الجسيمة، يدرك أن الطريق نحو الاستقلال لن يكون سهلاً، لكنه واثق بأن إرادته الصلبة ستنتصر، وأن دولته المنشودة ستعود لتقف شامخة على كامل أراضيها كما كانت قبل عام 1990. م