كتابات وآراء


15 ديسمبر, 2014 02:27:00 ص

كُتب بواسطة : د.عيدروس نصر النقيب - ارشيف الكاتب





يبدو الأمر مضحكا ومحزنا معا عندما يتحدث عن التسامح زعيم سياسي كلتاريخه هو سلسلة من عمليات القتل والتصفيات الجسدية وتغذية الحروب القبلية ونزاعاتالثأر والثأر السياسي.


في مقالته التي تناولتها عدة صحف ومواقع إلكترونية بعنوان"الزعيم صالح يكتب عن سياسة التسامح والعفو ورفض الثأر والانتقام"، قالعلي عبد الله صالح أنه رفض سياسة الثأر والانتقام وعمم العفو والتسامح وثقافةالحوار على المستوى الشخصي والمجتمعي.


من  الممكن لسكان المريخ وزحل أن يقرأوا هذا الكلام ويصدقوهباعتبار معرفتهم عن سكان الكرة الأرضية، وأكثر من هذا معرفتهم عن اليمن وعن عليعبد الله صالح محدودة للغاية أو منعدمة، وربما هذا ما قصده الرجل أو من كتب له هذهالمادة السليمة لغويا ونحويا والخالية من الخلط بين المفرد وجمع المذكر السالموالمثنى وجمع المؤنث السالم، أما سكان الأرض في أي ركن من أركانها، ناهيك عن سكاناليمن،  فإنهم سيشبعون ضحكا وهم يسمعون من صعد إلى كرسي الحكم عن طريقالتصفية الجسدية لأهم أسلافه يتحدث عن سياسة التسامح ورفض الانتقام.


لا يحتاج اليمنيون إلى تأكيد أنه وقبل صعود علي عبد الله صالح إلىكرسي الحكم في الجمهورية العربية اليمنية كانت تجارة السلاح في أضيق نطاقها وربمافي طريقها إلى الاحتفاء، وكانت نزاعات الثأر والحروب القبلية قد أوشكت على التوقفبفضل السياسة الحكيمة التي اتبعها الشهيد الرئيس ابراهيم الحمدي في استبدال الحروببالسلام والتعاون وإقامة المشاريع ذات الفائدة المشتركة للقبائل المتنازعة لتدافععنها ويسود الوئام بدلا من النزاع فيما بينها، أما في الجنوب فكان حمل السلاح تصرفيخجل منه صاحبه واختفت الحروب والنزاعات القبلية لأكثر من عقدين ولم تنبعث إلاعندما ضمه (أي الجنوب)علي صالح إلى مناطق حكمه.


فبفضل (السياسة الحكيمة) "للزعيم الرمز" ازدهرت تجارةالأسلحة لتصل حد امتلاك بعض القبائل للأسلحة المتوسطة والثقيلة، وتنامت نزاعاتالثأر والحروب القبلية لتشمل معظم مناطق اليمن، كل ذلك بإشراف وتأجيج رسمي من قبل"الزعيم الرمز" وأجهزته باعتبار الحروب والنزاعات هي السوق الأمثلللمتاجرة بالسلاح التي كان يشرف عليها وينظمها هو ورجالاته ليربحوا من ورائهاالمليارات.


إلى هنا والأمر مقتصر على عمليات استثمارية في النزاعات والحروبوترويج الأسلحة وأدوات الإبادة، لكن ماذا عن القتل ـ الذي يقول الزعيم أنه قد رفضهوأدانه ـ ؟؟


لقد صعد الرجل إلى كرسي الحكم مكافأة له على تصفية أفضل زعيم عرفتهالجمهورية العربية اليمنية؟ وبصعوده صار القتل والتصفية الجسدية سياسة رسمية تقادوتوجه من داخل مكتبه ومن مقرا إقامته، وما تزال قوافل الأسماء التي قتلت على يديهوعلى أيدي عشماويته تتربع ذاكرة شرفاء اليمن، منذ الشهيد إبراهيم الحمدي وشقيقهعبد الله، فعلي قناف زهره وعيس محمد سيف ورفاقهم حتى محمد خميس و علي العاضي ثمحسين محمد زين وحسن الحريبي ومحمد إسماعيل وأحمد فرج وعوض السنيدي ود. عبد العزيزالسقاف و جار الله عمر ويحي المتوكل ومجاهد أبو شوارب وصالح الجند ناهيك عن مئات الاشتراكيينالقادمين إلى صنعا بعيد وحدة 2 مايو 1990م الذين سقطوا بإشراف صالح وأجهزته علىالملف الأمني في البلد، . . .جميع هذه الجرائم وغيرها والتي تمت في عهده لم يتمالتحقيق ولم يقبض على المتهم في واحدة منها ما يؤكد أنها كانت تتم برضا بل وبتخطيطوتدبير الرجل الأول في البلد (الذين يدين القتل والانتقام ويدعي تعميم التسامحوالعفو).


لن نحتاج إلى الإشارة إلى ضحايا حروب صالح في عموم اليمن بدءا بحملتهالانتقامية على أبناء محافظة تعز بعد فشل حركة أكتوبر 1978م ثم حروب المناطقالوسطى فحرب 1994م الإجرامية على الجنوب وحروب صعدة الست (2004م ــ 2010م) وجرائم قتله لنشطاء الحراك السلمي الجنوبي منذ العام 2007م حتى يوم تنحيه، وأخيرا جرائمه في العام 2011م  ضد شباب الساحات في صنعاء وإب وتعز وغيرها،وتحالفه مع تنظيم القاعدة بتسليمه عدد من المحافظات الجنوبية بمراكزها الأمنيةوألويتها العسكرية ومخازن الأسلحة ومصانع الذخيرة وما ارتبط بتلك الحروب من إزهاقللأرواح وإراقة للدما شملت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعوقين، ناهيك عنالتدمير المادي والنفسي الذي نجم عن تلك الحرب وكل حروب صالح على اليمن واليمنيينفي الشمال والجنوب على السواء.


كل تلك الجرائم ارتكبها الرجل الذي يتحدث عن التسامح والعفو وثقافةالحوار وكأن اليمنيين بلا ذاكرة أو إنهم قد تعرضوا لعملية غسيل دماغ أنستهم ماالحقه بهم الرجل ونظامه من آلام وما أساله من دمائهم وما أزهقه من أرواح ابنائهمحتى يأتي لهم في صورة الملاك الذي يتقزز من رؤية الدم ويكره صوت الرصاص والقصف.


الرجل الذي يتحدث عن التسامح والعفو حكم البلد ثلث قرن توقفت فيهاالبلد عن التطور وتراجعت خطوات إلى الوراء في كثير من مناحي الحياة المتصلة بواجبالحاكم تجاه المحكومين، وعندما ثار ضحاياه مطالبين بتغييره بالوسائل السلمية قتلمنهم من قتل وشرد منهم من شرد وجرح وعوق منهم الآلاف ثم أبى أن يخرج من الحكم إلابابتزاز ضحاياه بالتنازل عن حقهم ومنحه حصانة أبدية عن المساءلة تماما كما يفعلزعماء العصابات عندما يخطفون الرهينة ويشترطون للإفراج عنه تحقيق مطالبهم كاملة.


حديث علي صالح عن التسامح والعفو وادعاءه استنكار الثأر والانتقام لايختلف كثيرا عن حديث اللص عن الشرف والأمانة ودعوته إلى العفة والنزاهة إلا في أمرواحد وهو أن اللص غالبا لا يحتاج إلى قتل ضحاياه ولا يتلذذ برؤيتهم وهم يلفظونأنفاسهم كما يفعل داعية التسامح والعفو في اليمن.


الآن فقط يمكننا معرفة لماذا قال إخوتنا المصريون "اللي اختشواماتوا".


برقيات:


*    مطالبة الأغلبية المؤتمرية في البرلمان اليمنيالمنتهية ولايته برفع الحصانة البرلمانية عن الزميل د محمد صالح علي على خلفيةاتهامه زعيمهم بتدبير محاولة اغتيال د. يس سعيد نعمان، أمرٌ في غاية المنطقية فهذهالأغلبية هي من منح هذا القاتل الحصانة التي تحميه من أي مساءلة على كل جرائمه مدىالحياة.


*   الزميل والصديق الديبلوماسي عبد الإله قائد تعرضلمحاولة اغتيال غادرة أصيب على إثرها إصابة بالغة، هذا الحدث يبين أن هناك من لايهدأ له بال طالما بقي على هذه الأرض شرفاء وأكفاء، نسأل الله الشفاء لعبد الإلهولا نامت أعين الجبناء.


*   قال الشاعر عبد الله عبد الوهاب نعمان:


واهمٌ  إن  شئت  أن  يعطيَك  الحب  أويمنحك  الودَّ النقيّا


 جاهلٌ  أنشّأهُ  الجهلُ  ورعرعَ  في جنبيه  قلباً  جاهـــليّا


 تكمُن  الأوهامُ  في  أعـماقه  وحشةًترضعُ  حسّاً همجيا


 ويسـيّرُ الإثمُ   في  أعصابهِ ريباً  تحييه  مرجوفاً  شقيا


 فزعَ  النــــــــفسِ  من  العلم بأنَّ  لهُ  فيهِ  دماراً  خلقيا