ملفـات وتقـاريـر

07 سبتمبر, 2024 07:32:04 م
عدن(صوت الشعب) محمد حلبوب – القضائية


يعد مجال الطب الشرعي من أكثر المهن حداثة في التخصيص حيث يتطلب على العمل في هذا المجال مزيجا من المعرفة العلمية والأجهزة التقنية والتحليل الدقيق للوصول إلى الحقيقة بهدف كشف ملابسات الجرائم.

إن هذا المجال المهني يتطلب جهدا علميا طويل من خلال التخصص الأكاديمي المكثف في عدد من المجالات والعلوم، حيث تتضمن هذه المهنة الدراسة في كليات متخصصة وأقسام علمية حديثة، بالإضافة إلى ضرورة توفر الأجهزة والتقنيات الحديثة المستخدمة في تحليل الأدلة.

المنهج العلمي والتدريب العملي

غالبا ما يكون المسار الأكاديمي للطبيب الشرعي أو للخبير الجنائي في كليات العلوم التطبيقية أو كليات الطب والشرطة أو من الممكن خلال برامج تعليمية متخصصة في علم التشريح أو الجريمة أو الأدلة الجنائية، ويتطلب دراسة فروع عدة مثل دراسة الكيمياء التحليلية لفهم تركيبات المواد الكيميائية المستخدمة في الجرائم، وعلم الأحياء المجهري لتحليل آثار الدم والأنسجة البشرية والفيزياء لدراسة ديناميات الأسلحة النارية والآثار الناتجة عنها وتتضمن المناهج أيضا مواد متخصصة مثل علم الخطوط لتحليل وتحديد هوية الكتابات اليدوية والمستندات المزورة وغيرها الكثير.

في السياق أوضح مدير المركز الوطني للطب الشرعي القاضي صالح باشافعي أن علم الطب الشرعي شهد تطور متسارع خلال السنوات الثلاثين الماضية حيث أصبح من غير الممكن أن يكون هناك خبير في الطب الشرعي والجنائي مطلع على كافة فروعه واقسامه.. لافتا إلى أن العلم الجنائي تم تقسيمه إلى عدد من الأقسام ولكل قسم جوانبه العلمية والعملية التي تحتاج وقت وجهد كبير من أجل التعرف عليها واتقانها.

علم الأدلة الجنائية

يرتبط علم الأدلة الجنائية بشكل وثيق مع الطب الشرعي بل أنها تعد أهم فروعه ولمعرفة مدى أهميته يشير العقيد خالد أحمد السلامي، وهو خبير في اكتشاف الجريمة، إلى أن الأدلة الجنائية في مسرح الجريمة لها ضرورة كبيرة جدا حيث تتمثل مهام إدارة الأدلة الجنائية في البحث عن الأدلة التي يتركها الجاني بعد ارتكابه الجريمة والذي يحاول في بعض الأحيان إخفائها، والتي تشمل آثار الأقدام والأحذية والبصمات والخراطيش والمقذوفات النارية وغيره، وبعد العثور على هذه الأدلة، يتم توثيقها وتصويرها وإرسالها إلى الإدارة لتوزيع المهام على الأقسام المختلفة التي تتضمن: قسم الكيمياء والسموم وقسم البصمات وقسم الآثار والآلات وقسم المقذوفات النارية وقسم الحرائق وقسم المتفجرات وقسم الأحياء الشرعية.


علم البصمات

تعد البصمات من أهم الأدلة في مجال الأدلة الجنائية، حيث تستخدم العديد من التقنيات لرفع البصمات من مسارح الجريمة، سواء كانت مرئية أو غير مرئية وتشمل التقنيات استخدام مسحوق البودرة الخاص للكشف عن البصمات على الأسطح الملساء وتقنيات رفع البصمات الكيميائية للأسطح المسامية وغيرها.

وفي هذا الجانب، فقد قدم العقيد زهير صالح محمد، خبير رفع بصمات الأصابع شرح موجزاً عن مهام عملهم حيث أوضح أن مركز الطب الشرعي يضم فريقين رئيسيين، الفريق الأول يتكون من خبراء متخصصين في مجالات الأدلة الجنائية، بينما يعرف الفريق الثاني بفريق زائر مسرح الجريمة أو فريق الاستجابة السريعة الذي يزور مسرح الجريمة فور وقوعها.

وتحدث العقيد زهير عن آلية رفع البصمات من مسرح الجريمة والتي تتم من خلال ملاحظة أي بصمة موجودة على سطح أملس، مثل النوافذ و الدواليب وغيرها من أماكن أو أغراض، حيث تُستخدم بودرة خاصة تُعرف بالمسحوق المغناطيسي تعمل على إظهار تفاصيل البصمة. ثم بعد ذلك يتم استخدام مادة الجيلاتين مع حامل البصمة، وهو نوع خاص من اللواصق يتم بموجبه نقل البصمة إلى خبير البصمات، ومن ثم تُقارن بعد ذلك مع سجلات أصحاب السوابق الجنائية في أرشيف الأدلة الجنائية، لمعرفة النتيجة إما سلبية أو إيجابية.

وأوضح العقيد زهير أنه وفي بعض الأحيان، يستدعى الفريق للمثول أمام المحاكم لشرح كيفية العثور على البصمات، وينطبق نفس الأمر على خبراء آخرين.


الكيمياء الجنائية

الكيمياء الجنائية أو كما قد يقال عنها الكيمياء الشرعية هو فرع من الكيمياء المختص بدراسة الجريمة وطرق الكشف عنها وتقديم الادلة العلمية التي تساعد في حل القضية وكشف ملابسات الجريمة وتضم تحتها الكثير من الأنواع منها كيمياء فحص المستندات وكيمياء السموم والمخدرات والدم الشرعي وكيمياء فحص الأنسجة والخيوط والحرائق والمقذوفات والأعيرة النارية والمتفجرات الشرعي وكيمياء فحص بصمات الأصابع والأقدام والشفاه وإطار السيارات وكيمياء القياس والمعايرة الشرعي.

وفي هذا السياق، تحدث العقيد أنيس علي عبد الخالق، خبير الكيمياء الجنائية، بأن قسم الكيمياء في المركز الوطني للطب الشرعي يحتوي على أجهزة حديثة تساعد في إنجاز الأعمال الموكلة إليه حيث يقوم القسم بفحص جميع أنواع المخدرات والمتفجرات والمواد الكيميائية التي تصل له من المنافذ البرية والبحرية والجوية في عموم المحافظات المحررة وبعض النقاط العسكرية والمنطقة الحرة، بالإضافة إلى ذلك، يستقبل القسم مواد لفحصها تأتي من جهات قضائية مثل المحاكم والنيابات وغالباً ما تكون متعلقة بالقضايا.


محققو الحرائق

تتمثل مسؤولية محقق الحرائق عند فحص آثار الحريق في تحديد مصدر الاحتراق الأولي، ودراسة الأدلة والعثور على السبب، مما يعطي معلومات لا تقدر بثمن للتحقيق الجاري ومن الضرورة أن يمتلك محققو الحرائق خبرة ومعرفة كبيرة بخصائص الحرائق وسلوكياتها وأسبابها الشائعة.

ووفقا لما ورد أعلاه، يوضح الخبير في قسم الحرائق والأعطال الفنية العقيد عصام حامد نبيه، أن عملهم يتضمن فحص موقع الحريق لتحديد أسبابه، والتي تكون غالباً بسبب الإلتماس الكهربائي أو الإهمال البشري أو الفعل المتعمد، مضيفاً أن قضايا الحرائق تعتبر من أصعب القضايا لأن الأدلة غالباً ما تحترق بالكامل.

ففي كل حالة حريق، ينزل خبير متخصص لتحديد بؤرة الحريق الأساسية وسبب نشوبه. فبعض الحرائق تحدث بسبب الإهمال البشري وقلة الوعي، مثل تركيب مصباح كهربائي بقدرة فولتية أقل مما يتحمله، وهو ما يؤدي إلى إلتماس كهربائي، أو تركيب فيوز كهربائي أقوى من التيار الذي يتحمله. كما أن الماء والأمطار يمكن أن تكون عوامل مساعدة في نشوب الحرائق، وهناك أيضاً أفعال متعمدة مثل الأنتقام الشخصي أو إخفاء الأدلة، خاصة بعد مقتل الضحية.


المتفجرات والمفرقعات والاسلحة:

يعد هذا الفرع من أخطر المهن الفنية التي قد تأتي في سياق العلم الجنائي ويتطلب على الشخص هنا أن يمتلك الخبرة والذكاء والتركيز والعمل تحت الضغط وغيرها من المتطلبات الفنية والنفسية لخطورة هذه المهنة التي قد تسمى (مهنة البحث عن الموت).

وخلال مداخلة سريعة قال النقيب بسام صالح الدهبلي، خبير في قسم المتفجرات، إن عملهم يتضمن التعامل مع التفجيرات قبل وبعد وقوعها، ففي حال وجود بلاغ عن عبوات ناسفة، يبدأ الفريق بتحديد شكل العبوة ونوعها، ويقومون بمتابعة الأسلاك الكهربائية وفصلها عن الصاعق.

أما إذا كان البلاغ يتعلق بعبوة انفجرت مسبقاً، فيبدأ الفريق بجمع الأدلة وأخذ الآثار المتبقية من العبوة، بالإضافة إلى تحليل نوعية التفجير، والتأكد مما إذا كان أسلوب التفجير قد تم عن بُعد أو بتوقيت زمني محدد.


تزوير الخطوط والوثائق والعملات

ويتطلب بهذا الجانب دراسة تخصصات عدة منها فحص الوثائق لتحديد تزویرها وتزييف العملات ومقارنة الخطوط ويأتي ذلك من خلال دراسة وتحليل الكتابات اليدوية ودراسة العلامات الأمنية المدمجة في العملات الورقية والمعدنية وكذا تحليل الحبر والورق والعلامات المائية بتلك الوثائق.

والجدير بالذكر أن هذا التخصص يتطلب برامج حواسيب متقدمة وأجهزة تقنية حديثة وأجهزة متخصصة في كشف التزوير مثل أجهزة الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء وأجهزة الفحص بالمجهر وأجهزة تحليل الطيف لتحديد صحة العملات وكشف التزييف.

بالمجمل، يتميز العمل كخبير في الطب الشرعي والأدلة الجنائية ضرورة التمكن من مجموعة واسعة من المهارات العلمية والتقنية التي تمكنه من تحليل وفحص الأدلة المادية بطرق دقيقة ومتكاملة، مما يسهم بشكل كبير في تحقيق العدالة وتقديم الأدلة القاطعة في القضايا الجنائية.




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.