ملفـات وتقـاريـر

29 يناير, 2025 11:48:18 ص
كتب/ المستشار أيمن الحداد:
في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن، يبقى الأمل الأكبر معقودًا على الشباب، فهم الحاضر الذي يحمل بذور المستقبل، والقوة التي يمكنها أن تعيد بناء وطن يتسع للجميع. مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، التي تمثل أحد أهم المنجزات الوطنية، قدمت رؤية متكاملة لدولة تضمن للشباب حقوقهم وتتيح لهم المشاركة الحقيقية في صنع القرار وبناء مستقبل مستدام.

لقد أكدت مخرجات الحوار الوطني على أهمية تمكين الشباب باعتبارهم الركيزة الأساسية للتغيير والتنمية. نصت هذه المخرجات على توفير فرص متساوية للشباب في التعليم، العمل، والمشاركة السياسية، مع الالتزام بتعزيز دورهم في قيادة التحول الذي تحتاجه اليمن. ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن، فإن هذه المخرجات تبقى خريطة طريق واضحة لبناء اليمن الاتحادي الجديد.

إن ما يميز الشباب اليمني اليوم هو وعيه العميق بالتحديات التي تواجه بلاده، وإيمانه بقدرته على تجاوزها. هم يدركون أن تحقيق العدالة والمساواة، كما ورد في مخرجات الحوار الوطني، ليس مجرد شعار، بل ضرورة لتحقيق الاستقرار والنهضة. ولذلك، نجدهم يتطلعون إلى تطبيق هذه المخرجات بكل تفاصيلها، بدءًا من بناء مؤسسات قوية تضمن الحقوق وتكافح الفساد، إلى تعزيز قيم التعايش واحترام التنوع الثقافي والاجتماعي.

لكن الشباب اليمني لا يطمح فقط إلى تحقيق مكاسب آنية، بل يسعى إلى وضع أسس مستدامة للتنمية. يحلم هؤلاء الشباب بمستقبل تُوزَّع فيه الثروة والسلطة بشكل عادل، تُحترم فيه الكفاءات، وتُتاح فيه الفرص للجميع دون استثناء. هذه الرؤية تتماشى مع روح مخرجات الحوار الوطني التي أكدت أن الدولة الحديثة لا يمكن أن تُبنى إلا على أساس من الشفافية والمواطنة المتساوية.

غير أن تحقيق هذه الطموحات يتطلب إرادة سياسية ودعمًا مجتمعيًا يضع الشباب في مقدمة الأولويات. ولتحقيق ذلك، لابد من التركيز على تنفيذ المبادئ التي أرستها مخرجات الحوار، لا سيما تلك المتعلقة بتعزيز التعليم النوعي، دعم المشروعات الصغيرة، وضمان مشاركة الشباب في العملية السياسية من خلال تفعيل دورهم في المجالس المحلية والمؤسسات التشريعية والتنفيذية.

إننا اليوم أمام لحظة مفصلية تتطلب من الجميع الالتفاف حول هذه المرجعيات والعمل بروح الفريق الواحد. فتحقيق السلام والتنمية ليس مسؤولية جهة واحدة، بل هو مسؤولية وطنية مشتركة. على الحكومة والقوى السياسية أن تتخذ خطوات جادة لتطبيق مخرجات الحوار الوطني، وعلى المجتمع الدولي أن يدعم هذه الجهود ويضغط من أجل تنفيذها على أرض الواقع.

رغم كل التحديات، يبقى الشباب اليمني مصممًا على انتزاع مكانه الطبيعي في بناء الدولة. فهم يدركون أن اليمن الجديد الذي حلموا به من خلال مشاركتهم الفاعلة في الحوار الوطني لن يتحقق إلا بإصرارهم على تجاوز الصعوبات، واستثمار قدراتهم في الإبداع والابتكار.

الشباب هم أمل اليمن ومفتاح نهضته، ومع التزامنا جميعًا بتطبيق مخرجات الحوار الوطني الشامل، نستطيع أن نصنع وطنًا يعمه السلام والعدالة والمساواة، ويضمن لأجياله القادمة حياة كريمة تليق بتطلعاتهم.




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.