كتابات وآراء


15 يناير, 2022 04:47:00 م

كُتب بواسطة : محمد علي محمد أحمد - ارشيف الكاتب



عيب والله علينا نحن أبناء العاصمة عدن وعلى كل جنوبي إن بقي منا جنوبي غيور محب للجنوب بصدق وهو ينظر إلى حالنا وما وصلنا إليه من ذل و هوان ، و بأيدينا أن نغير ملامح المكان و نتغير وفق متغيرات الزمان ، ومن يظن أن الجنوب سيأتي بمجرد رفع عٓلٓمٍ و نشيد و زوامل و قصائد حماسية فهو جاهل بأبجديات الدولة و مفهومها الواسع الشامل لكل مجال ..

أَثبتوا ذلك الولاء للجنوب بفعل عملي وطني و قومي على أرض الواقع يُصَحي ذاكرتنا ليزداد فينا الحنين و الشوق لتلك الدولة الفتية ، و ذلك بتهيأة ملامح الدولة يا قادتنا المحترمون !!!

أَعيدوا المؤسسات الإيرادية و الحيوية إلى ما كانت عليه، ک المصفاة التي بدل أن نحافظ عليها ونستعيد شعلتها لتشعرنا بالدفء و الإطمئنان ، أصبحنا للأسف نفرح بسقوطها و نرقص على أطلالها و ننهش فيها أكثر مما فعله فينا المحتل و العدوان ، وغيرها من المؤسسات الإيرادية والخدمية التي لم يطوقها و يحميها حماة الوطن بل فرطوا بها ليلعب بمقدراتها بضعة ولدان.

و هاهي شركة النفط الوطنية، واحدة من تلك القلاع المحصنة بقانون الدولة آنذاك قبل العام ٩٠م مع توأمها مصفاة عدن إذ كانتا تشكلان عملاً متكاملاً عجيباً ونسقاً ينم عن خبرة و حنكة و إخلاص ومسؤولية القائمين عليهما إدارة و موظفين و عمالاً ، وكلٌ منهما تعرفان جيداً الدور الذي تقومان به بكل سلاسة و إحكام دون تدخل سافر مخزٍ من هنا أو هناك ، إذ كان لا يجرؤ أحد أن يدخل بوابتهما إلا في إطار العمل وحسب ، فانظروا إلى ما أصبحتا عليه اليوم ، وكيف أضحت مصفاة عدن خرساء ومدينة أشباح ، و قد تجردت من ثوبها الجميل
وعملها الأصيل و أُلبست ثوبٌ دخيل ، ليدخل إليها ويخرج لصوص الوقود محملين بناقلات الديزل والبنزين دون وجه حق ولا قانون ، ولا مراعاة لشعب بحاجة لخدمات و تموين ، وكيف سيرعى أولئك الفاسدون هموم أمة و قد أرادوا بتلك الأعمال ليس تدمير المصفاة فحسب بل تمزيق التكامل والتعاون والترابط الوطيد الذي ظل لعقود مضت بينها وأختها شركة النفط الوطنية التي هي كذلك بسبب اختراق الأوغاد أسوار المصفاة بهيبتها و عظمتها وشموخها
، و دون تقدير لتلك الهامة الإقتصادية العملاقة و التي كانت اصوات مضخاتها و مكائنها العملاقة تلعلع في أرجاء عدن الصغرى ( البريقة) و تبعث أدخنتها المتطايرة في الهواء السرور في نفوس المواطنين ، و كلهم ثقة بأن نفطهم و غازهم ومشتقاتهم النفطية المتعددة والكيماوية بوفرة و بركة و في أيدي رجال الدولة و وحماتها الشرفاء و مهندسيها الأكفاء و عمالها الأوفياء .

فعانت الإقصاء و التهميش والمركزية عقب العام ٩٠م و ما تزال تعاني شركة النفط الوطنية عدن جراء تركة مثخنة بالفساد سيما وازدادت وتمكنت من جسد الشركة منذ ما يقارب عامين و نيف من تدخلات في مهامها الحصرية وهي توزيع المشتقات النفطية للسوق المحلية في إطار نطاقها الجغرافي ( عدن ، لحج ، أبين ، الضالع ) فاستغل اللوبي النفطي قرار تحرير سوق المشتقات النفطية المزمن بفترة ثلاثة أشهر ولم يعقب ذلكم القرار الكارثة أي آلية تنفيذية ، والذي تم تكييفه وحرفه عن مضمونه بما يتناسب مع مصالح تلك العصابة و أهدافها الخبيثة ليكون مدخلاً تدميرياً ضد شركتي النفط و المصفاة و اللتان تمثلان العصب الرئيسي الهام لاقتصاد الجنوب و قوته ، وبالتالي يستهدفون مواطني الجنوب بشكل عام ،
لذا يجب أن ترى كل تلك المؤسسات النور من جديد لأنها ببساطة تمثل بطاقة تعريفية لدولتنا التي تغنى بها الشهداء فقدموا أرواحهم رخيصة دون جدال ، وهي تصريح عبور لطريق الحرية والإستقلال ، ولن نستطيع فتح أول باب للدولة إلا بالجد و بذل الجهد و الإجتهاد و الإهتمام باستعادة نهضة اقتصادنا و بعودة مؤسساتنا التي نهبت و دمرت و أفرغت من مضمونها ، فهي تمثل روح الدولة ، و لا قيمة للإنسان بلا روح .

إجعلوا الناس تشعر بالأمان بدعمكم في تفعيل سلطة القضاء والنيابة وتعزيز دور المحاسبة والرقابة و إقامة العدل والنظام على القادة قبل الأنام .
دعوا العالم ينظر إلينا باحترام ، دعوهم يرون أننا دعاة حب وسلام لمن بادرنا التحية واعترف بمطالبنا واحترم ما قدمناه من تضحيات جسام ، وبأنه من حقنا أن نعيش حياتنا و نحيي ثقافتنا وعاداتنا التي تعرفنا بها الأمم ، إلى متى سنظل نستجدي الخلاص والحرية من عدو الأمس و اليوم و الغد ، و كأننا عبيد و قطيع أغنام !!

فلا وزن للدولة بلا شعب يعيش بعزة و كرامة واكتفاء ذاتي على اقتصادها و مؤسساتها وهي للقوة عنوان ، وهي كمن يقوم ببناء بيت دون أساس متين و بلا عمدان ، فلا تضعوا أنفسكم محل سخرية المتربصين بنا و بكم فننال الخزي و الخذلان ، و قوموا بدوركم على أرضكم و من خلفكم شعبكم الذي كفاكم امتحان لصبره أكثر مما عاناه و ذاق القهر والجوع و الفقر و الحرمان ، و لازال لديه أمل و ثقة بالله ثم بكم لتحققوا طموحاته وتنتزعوا حقوقه بالنصر و الإنتصار قبل فوات الأوان ، فمعركتنا الحقيقية ليست هزيمة عدونا في ساحة الميدان ، بل هي بتهذيب ذواتنا من الأنانية و الظلم و الطغيان ، و السير بخطىً ثابتة نحو بناء اقتصاد وطني قوي شامخ البنيان ، تلك هي معالم الدولة و بها حتماً لن نخسر الرهان .